
تعتبر مقاطعة قرو من مقاطعات موريتانيا المهمة لعدة اعتبارات منها الجغرافي، والسكاني والإقتصادي. فهي وسط بين عدة مدن من عدة ولايات، وذات كثافة سكانية معتبرة، ومؤهلات اقتصادية بارزة. وهذا يجعل تنميتها، والإستثمار في مقوماتها، ومواردها الإقتصادية أمر مفيد محليا، ووطنيا. إن موقع هذه المقاطعة المتوسط بين ولايات تكانت، ولبراكنة، والحوض الغربي يجعل المنتوجات المستخرجة منها قابلة للتسويق بسهولة، والنقل إلي كثير من مدن الوطن. ومن جهة ثانية يمكن لسكان كثير من تلك المدن والقري القدوم إليها بيسر إذا كانت بها فرص عمل أو تعلُم. ومن هنا فإنني أودُّ أن أنبّه إلي بعض الفرص التنموية الكامنة في هذه المقاطعة التي سيكون استغلالها مفيدا لسكانها، ولمن يقطن في نواحي امتداداتها الجغرافية المتعددة. وتشمل هذه الفرص المجالات المعرفية العلمية، والإقتصادية، والسياحية.
و لعل من أول فرص التنمية التي يوجد لها أساس معتبر في مقاطعة قرو، فرص التنمية البشرية المعرفية. ذلك أن مجتمع هذه المدينة أنتج، قديما، ولازال ينتج إلي اليوم شخصيات علمية ذات صيت كبير، وطني، وعربي، و إسلامي، كان لها أثر طيب علي سمعة الشناقطة قديما، وعلي المجتمع الموريتاني حديثا. وهؤلاء مثل المختار ولد بونا، وأبناء مياب، و العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي… وغيرهم. وحديثا العلامة الشيخ محمد يحي ولد الشيخ الحسين، والعالم، و المصلح الإجتماعي الكبير الشيخ الناج ولد محمود، والعالم والمعلم الورع الفقيه الشيخ الحاج ولد فحفو، وإن كان استوطن تكانت، لكن جمهور طلابه وشيعته ومحبيه من أبناء قرو …وغيرهم كثير. ويوجد اليوم، في وقتنا الراهن، كثير من أبناء المدينة الذين هم دكاترة، وأساتذة في مختلف المعارف الدينية والدنيوية، العاملين داخل الوطن وخارجه. وكذا محاظر مشهورة تعلم أبناء المقاطعة وغيرهم عدة علوم شرعية ولغوية فضلا عن علوم القرآن الكريم، مثل محظرة أهل ديد العريقة التي يرتبط إسمها بمدينة قرو، ومحظرة أهل آدو، ومحظورة الشيخ الأستاذ محد ولد ابابه… وغيرها. وهذا ما يجعل بناء مؤسسة، أو مؤسسات علمية بهذه المدينة تحفظ هذا الإرث المعرفي للسلف، و تحتضن، وتنمي القدرات العلمية للخلف الموجود الآن أمرا مناسبا، وفرصة تنموية مهمة ضائعة يجب التنبيه إليها، والعمل علي تداركها.
أما من الناحية الإقتصادية فإن المدينة تتوفر علي مقدرات زراعية هائلة، و ثروة حيوانيّة كبيرة. ففيها أعظم وادي نخيل في منطقة الشرق الموريتاني، وهو وادي قرو، وفيها أراض خصبة كثيرة في أكثر من موقع، مثل بوقرفه، واعوينت الدق، واودي اجريد، واعوبنت ايدران، وغيرها كثير. و هناك مشاريع زراعية واعدة، وأعداد كبيرة من الأبقار والإبل والأغنام. و كل ذلك يجعل الإستثمار في الحقل الزراعي، (الحبوب، والخضروات، والأعلاف) وفي الحقل التنموي الحيواني ( اللحوم والألبان ومشتقاتها) أمرا بالغ الأهمية، و ذا أثر إيجابي كبير علي سكان قرو، ومن هم حولهم، أو يتصلون بهم من قاطني أرياف ومدن الوطن الأخر. فمثلا، يمكن لمدية قرو أن تكون مصدرا لمادة التمور المهمة إذا استغل وادي قرو بشكل جيد بالطرق الحديثة لإنتاج هذه المادة. ويمكن لهذه المقاطعة أن توفر كميات كبيرة من الذرة والشعير والفول السوداني وأخري من الخضروات بمختلف أنواعها من بصل وبطاطس وطماطم وجزر وفلفل أخضر، وغيرذلك إذا استغلت أوديتها و سهولها العديدة وأنشأت بها سدود واستخدمت طرق للري العصري لذلك. كما يمكنها أن تنتج كميات كبييرة من اللحوم والألبان ومشتقاتها إذا انتبهت الجهات المعنية، من رجال أعمال من أبنائها وغيرهم، ومن الجهات الرسمية إلي الإستثمار في هذا القطاع الذي تتوفر مادته الأولية بشكل كبير في هذه المقاطعة.
وهناك مجال لا يقل أهمية عن ما ذكرنا حتي الآن، وهو المجال السياحي. فهذه المقاطعة موطن لمواقع طبيعية خلابة جدا، وخاصة في فترة الخريف، مثل لمسيلة، و موقع لخنك وقيطارة، ولبطيحات، وأم الكرعان… والعديد من الأماكن السياحية التي يمكن أن توفر مجالا للراحة والاستجمام إذا تم الإعتناء بها وشُيدت بها مرافق وبنية تحتية تجعل القادم إليها يجد متطلبات الإستمتاع والراحة متوفرة بها مثل أدوات النُزهات العائلية من أماكن مستصلحة للجلوس، وكراسي، وأرصفة لممارسة رياضة المشي، وأدوات للعب الأطفال… وما إلي ذلك منما يجعل تجربة الشخص السياحية ممتعة وباعثة علي الرغبة في العودة إلي المكان مجددا.
هذه فقط نماذج من الفرص التنموية الضائعة بالنسبة لمقاطعة قرو. وعلي المعنيين بالشأن العآم من أبناء هذه المقاطعة من نواب وعمد ورجال أعمال وموظفين سامين وفاعلين سياسيين أن ينتبهو لها ويتداركوا ما فات من إهمال لها حتي تتحسن الظروف المعيشية لسكان هذه المقاطعة، وحتي تقوم بدورها التنموي في إطار التنمية الشاملة للبلد.














