الأغلبية الحاضر الأهم في خطابات الغزواني.. هل يستعد الرئيس لتصفية أركان نظامه؟ - موقع الفكر

في أغلب محطات زيارته إلى الحوض الشرقي بدا الرئيس الغزواني أكثر صرامة في السياسة والأمن والاقتصاد، وبدا جليا أنه يخاطب أكثر من طرف ويريد إرسال رسائله بقوه إلى من يحيطون به أكثر من غيرهم وفي أكثر من محطة.

ليس بمستغرب أن يرسم الرئيس معالم نظامه من النعمة فذلك تقليد موروث عن أسلافه من معاوية إلى ولد عبد العزيز.

كانت مدينة انبيكت لحواش المحطة الأكثر إثارة، ففي هذه المدينة المؤسسة تأسيسا أمنيا واجتماعياتتعايش الدولة بمظهرها الصلب عبر قوات الجيش الوطني المرابطة مع الحدود، مع البداوة التامة والتقسيمة القبلية، شأنها في ذلك شأن أغلب المدن الموريتانية في طول البلاد وعرضها..

ومن هنا حيث ظهرت اللافتات والشعارات القبلية بوضوح، جاء خطاب ولد الشيخ الغزواني في حديث واضح وصارم ضد القبلية، مركزا بشكل خاص على موظفي الدولة الذين يعتبرهم رمز الدولة، معلنا حظرا تاما لحضور الموظفين للأنشطة القبلية.

والحقية أن الواجهات القبلية لم تغب يوما عن الزيارات الرئاسية من اترارزة إلى لبراكنة و من سيلبابي إلى نواذيبو.

ربما لو اتخذ الرئيس خطوة عملية لكان لخطابه جدوائية أكثر عمقا، خصوصا أنه قد استقبله مئات الموظفين الكبار والمتوسطين الذين عطلوا مهام المواطنين، وأظهروا ثراء هائلا واستخداما غير طبيعي للمال وللبعد القبلي في إظهار قوتهم في المناطق المزورة.

ومن بين هؤلاء وزراء في حكومة ولد الشيخ الغزواني، وعدد من كبار معاونيه، بعضهم استمتع بالعبارات الممجدة للقبيلة، وفي بعض محطات الزيارة ظهر رئيس الحزب الحاكم وهو يستمع لأحد الموظفين يذ كر أن الحاضرين هم أسرته الخاصة.

باسكنو.. رسائل الأمن والدبلوماسية

في باسكنوكانت الرسائل من نوع خاص موجهة للداخل والخارج، حيث كانت رسائل موريتانيا تجاه مالي واضحة، وكان ولد الشيخ الغزواني حريصا على استخدام عبارة " الحرب" ليصف بها ما يجري في مالي، وهو ما يضفي مزيدا من الحياد تجاه ما تعتبره الحكومة المالي عدوانا عليها من الجماعات الإرهابية المسلحة.

ولم يتجه أيضا إلى نقد الحكومة المالية، كما هو حال كثير من السياسيين في المنطقة، ومع ترحيبه باللاجئين إلى موريتانيا، وإشادته بتاريخ تعامل باماكو مع الموريتانيين، لم يغفل أيضا رسائله للاجئين بأن لا ينافسوا الموريتانيين في فرص العمل المحدودة، موجها رسائله للسكان بأن لا يسمحوا لهذه الفرص المتاحة للاجئين.

ولم يغب عن الرئيس في رسائله الأمنية زيارة القوات المسلحة المرابطة على الحدود بين موريتانيا ومالي، وهي في مواجهة مستمرة مع الجماعات المسلحة المسيطرة على الجانب الموريتاني من حدود الحوض الشرقي.

والحق يقال فإن خطاب الرئيس غزواني وكل مفرداته المتعلقة بمالي تمثل ملحمة لاسابقة لها من قيم المروءة والأناة والاعتبار بالزمن. وحفظ العهد دون التفريط في عقد المواطنة الذي تسوره الحدود.

تمبدغة.. رسائل المأمورية الثالثة أو تصفية الأركان

في تمبدغة اختار الرئيس الغزواني وبصوت عال توجيه رسائله بدقة إلى الفريق المحيط به، حيث تتعدد الرؤوس الساعية إلى خلافته.

وقد كان لافتا حديث الرئيس عن ضرورة توقيف الجدل والشائعات بشأن من يمكن أن يترشحوا لخلافته، داعيا النخبة إلى الانشغال بما هو أهم.

قبل أن يجدد رسائله إلى الأطراف المتنازعة على خلافته بأنها ستضر نفسها أو يضرها من يروج لها في هذا المجال.

ومن أبرز من يهيئهم أنصارهم وحلفاؤهم لخلافة ولد الشيخ الغزواني..

-        وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، والظاهر أن لارغبة للرجل في المناصب مستقبلا فهو منشغل بحياته البسيطة ولايقابل العامة أو الخاصة حارج الدوام إلا نزرا..

-        وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوق، نشر الرجل قبل فترة براءة من الطموح و الترشح للمنصب وأكد وقوفه مع الرئيس ودندن مثل أو قريبا مما كتب الرئيس.

-        وزير الدفاع حننا ولد سيدي على خلاف سابقيه يجتهد الرجل في الاستقبالات الكرنفالية حتى وهو يؤدي عمله الذي يفترض من صاحبه البعد عن السياسة.. 

-        الوزير الأمين العام للرئاسة: مولاي ولد محمد الأغظف، خاض مولاي غمارات تنافسية أيام ولد عبد العزيز مع الوزير الأول يحي ولد حدمين.. 

-        رئيس البرلمان: محمد ولد مكت..

-        القائد السابق للحرس والأمن الوطني: مسقارو ولد اغويزي

وتعيش هذه الأطراف فيما بينها صراعات سياسية عميقة، وسبق للرئيس الغزواني أن طلب من المعنيين الاجتماع وتسوية خلافاتهم فيما بينهم، ووفق ما تؤكده مصادر خاصة لموقع الفكر فقد حضر الاجتماع المذكور الوزير الأول مع وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ووزير العدل السابق، وانتهى إلى تفاهم ظرفي على تجنب الصراع، لكن هذا التفاهم لم يطل طويلا، قبل أن يتدخل ولد الشيخ الغزواني بأوامر صارمة لبعض الوزراء بإيقاف حملات أنصارهم.

هل أصبح تعديل الدستور مسألة وقت..

لا يمكن إغفال ما بين سطور خطاب ولد الشيخ الغزواني في آخر محطات زيارته في تمبدغة، حيث تساءل عن مواءمة الدستور للانتخابات الشفافة، وعن جدوى عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الفتوى، وغيرها من الزوائد المؤسسية المشكلة للهيئات الدستورية في موريتانيا.

ولا يمكن فصل الحديث في تعديل الدستور عن طموحات المأمورية الثالثة، أو فتح المأموريات، حيث تعتبر هذه الأحاديث دائما البوابة الأهم التي يحاول بها الرؤساء التشبث بالكرسي.

فهل يسعى ولد الشيخ الغزواني فعلا إلى البقاء في السلطة، أم أنه سيعمل بعد الزيارة على تصفية المتصارعين حوله والسير إلى تعديلات دستورية تضمن له الخروج الآمن والرمزي من السلطة.

اما الاستغناء عن المجالس الصورية: المجلس الاقتصادي، الفتوى والمظالم والأعلى للشباب فمن المتوقع أن تنال رضى الجميع خاصة عند توجيه العائد المادي الذي كان يصرف عليها لمشاريع نافعة وجادة..

يمكن اعتبار إلغاء المجالس الجهوية أمرا مهما لاعتبارات عدة منها فشل هذه المجالس لأسباب منها عدم تسلمها لأي من الصلاحيات أوالميزانيات..

في بلد لم تنضج فيه التجربة البلدية حتى نتسلق جدران المجالس الجهوية التي ولدت ميتة..