دول الساحل: هل يفتح التعاون مع الكيان الصهيوني صفحة جديدة في التحالفات؟

في قلب الصحراء، حيث تتصاعد التحديات الأمنية، تواجه دول الساحل مثل مالي، النيجر وبوركينا فاسو تهديدات متزايدة من الجماعات الجهادية. في هذا السياق، يبرز احتمال تقارب مع الكيان الصهيوني كخطوة استراتيجية تحمل في طياتها فوائد أمنية، اقتصادية وتقنية كبيرة.

يمتلك الكيان الصهيوني خبرة حربية تشمل بالأساس الاستخبارات، مراقبة الحدود باستخدام الرادارات والطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار، الأمن السيبراني، وتدريب الوحدات الخاصة. هذه الخبرات ليست مجرد أدوات تقنية، بل تمثل منصة متكاملة لتثبيت الأمن في مناطق عسيرة السيطرة عليها، خصوصًا على الحدود مع الجزائر وليبيا.

من جانبها، تسعى دول الساحل إلى تعزيز قدراتها العملياتية وتقليل نقاط ضعفها عبر توسيع شراكاتها الاستراتيجية. وفق خبراء استخبارات غربيين، أصبح المحور     "باماكو–نيامي–واغادوغو" نقطة محورية للتعاون الإقليمي، فيما لا تستبعد العواصم الساحلية إقامة تحالفات جديدة في المجالات الاقتصادية، الأمنية والتكنولوجية. هذه التحركات تكشف عن وعي عميق بحقيقة أن الأمن والاستقرار مرتبطان بشكل وثيق بالتقنيات المتقدمة والمعرفة المتخصصة.

خلق ديناميكية جديدة في المنطقة.
ووفق مصادر محلية، فإن دوافع هذه الدول للتقارب مع الكيان الصهيوني تشمل تعزيز الدفاع، تقنيات المراقبة، والخبرة الزراعية، بهدف خلق ديناميكية جديدة في المنطقة. وفي مالي، على الرغم من غياب أي إعلان رسمي عن تطبيع العلاقات، تظهر مؤشرات على اتصالات غير رسمية مع شركاء من الشرق الأوسط، حيث قدم الكيان الصهيوني مساعدات تقنية لمواجهة الجماعات الجهادية، ما يجعل هذا التعاون أكثر من مجرد مسألة أمنية، بل خطوة استراتيجية متكاملة.

ويرى بعض المحللين أن مالي تتجه نحو علاقة براغماتية مع الكيان الصهيوني، شريطة ألا تتعارض مع شراكاتها الاستراتيجية مع موسكو. أما النيجر، فهي تبحث عن سبل تعاون جديدة، خاصة في مجالات الدفاع ومراقبة الحدود، حيث يمتلك الكيان الصهيوني خبرة كبيرة مطلوبة في هذا المجال الحيوي.

قضية حساسة
ومع ذلك، يبقى البعد الديني ، إذ قد يثير أي تقارب مع الكيان الصهيوني ردود فعل داخلية، خصوصًا بين القيادات الدينية، على الرغم من أن بعض الدول الإسلامية أقامت علاقات دبلوماسية معه. هذا الأمر يوضح أن السياسة في المنطقة ليست مجرد حسابات عسكرية أو اقتصادية، بل تتشابك مع البُعد الاجتماعي والثقافي للمجتمعات.

وفي ظل هذه المعطيات، لا يستبعد بعض المراقبين أن تعلن مالي، النيجر وبوركينا فاسو عن إطار تعاون تقني مشترك مع الكيان الصهيوني، ما قد يمثل نقطة تحول كبيرة على صعيد الأمن والتكنولوجيا في منطقة الساحل، ويضع الأسس لديناميكية جديدة من الشراكات الاستراتيجية المعقدة والمتشابكة.

رابط المقال:
https://sahel-intelligence.com/41079-sahel-rapprochement-entre-israel-et...