بين موريتانيا و دول الساحل والإمارات: الذهب محرك العلاقات الاقتصادية والأمنية

أشارت دراسة صادرة عن مركز "استراتيجيات وأمن الساحل والصحراء" إلى أن موريتانيا تعد من أبرز الدول المنتجة للذهب في منطقة الساحل الإفريقي.
واوضخ أن  مجموعة "كينروس جولد الكندية" تدير منجم "تاسيست" ، الذي شهد ارتفاع الإنتاج من نحو 170,000 أوقية في عام 2021 إلى 538,000 أوقية في 2022، فيما بلغت إيرادات الذهب في 2020 أكثر من 780 مليون دولار. 
ويُقدّر أن نحو 70% من هذا الإنتاج يذهب إلى السوق غير الرسمي، مع جزء كبير موجه إلى دبي، مما يسلط الضوء على تحديات الشفافية في تجارة الذهب وارتباطه بالعلاقات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.

750 مليون دولار كمساعدات لدول الساحل
يمثل هذا السياق جزءًا من شبكة أوسع من علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة مع دول الساحل، حيث يشكل الذهب محورًا أساسيًا لهذه العلاقات. فإماراتيًا، تسعى الدولة إلى تأمين مصدر مستدام وكبير للذهب لدعم قطاع التكرير والمجوهرات في دبي، الذي يعد مركزًا عالميًا لتجارة الذهب، رغم التحديات المرتبطة بمصداقية المصدر وشفافيته. وتشمل هذه العلاقات مع دول الساحل السودان، ليبيا، مالي، بوركينا فاسو، النيجر، تشاد، الكاميرون، وتوغو إلى جانب موريتانيا.

في عام 2024، استوردت الإمارات ما يقرب من 1,400 طن من الذهب بقيمة تزيد عن 105 مليارات دولار، أكثر من نصفها، أي حوالي 748 مليار دولار، جاء من دول أفريقية. وبينما لا تكون جميع هذه الواردات قابلة للتتبع بشكل دقيق، قدمت الإمارات بين عامي 2018 و2023 ما يقارب 750 مليون دولار كمساعدات لدول الساحل الخمس آنذاك، ما يعكس تداخل البعد الاقتصادي مع البعد السياسي والأمني في هذه العلاقات.

مركز استراتيجي للذهب
على الرغم من أن الإمارات ليست دولة منتجة للذهب بشكل مباشر، فإنها تتمتع ببنية تحتية متكاملة تجعلها مركزًا استراتيجيًا لتجارة المعدن الثمين. إذ تضم الدولة مصافي متعددة، وتجارًا عالميين، وشركات لوجستية متقدمة، ومناطق تجارة حرة. 
وتشكل صادرات الإمارات نحو 11% من الذهب العالمي، ويعمل في أكثر من 4,000 ورشة للمجوهرات و1,200 متجر تجزئة حوالي 60,000 شخص. 
ويُظهر هذا الطموح الإماراتي الحاجة الملحة لتوريد الذهب من دول الساحل بصورة مستمرة لضمان استدامة القطاع، رغم التحديات المتعلقة بالشفافية والمصادر غير الرسمية.

الذهب في دول الساحل
تشير الدراسة إلى أن العديد من الدول الساحلية تشهد تداول الذهب بأصول غير مؤكدة، ما يزيد من تعقيد العلاقات التجارية والأمنية:

السودان: يعد المنتج العربي الأكبر للذهب، مع نحو 40,000 موقع استكشاف و60 شركة تكرير. وفي عام 2024، اشترت الإمارات 29 طنًا من الذهب السوداني، مقارنة بـ17 طنًا في 2023.

ليبيا: تحتوي جبال الأووينات على مخزون ضخم من الذهب، وتتهم الدراسة الإمارات بشراء هذا الذهب عبر قنوات متعددة، بما في ذلك من مناطق يسيطر عليها أطراف مسلحة.

مالي وبوركينا فاسو وتوغو: 81% من الإنتاج المالي مرتبط بشركات إماراتية، وبلغت مبيعات الذهب المالي 1,926 مليار فرنك غرب إفريقي في 2023.

النيجر وتشاد والكاميرون: شهدت تصديرًا كبيرًا نحو الإمارات، غالبًا عبر قنوات غير رسمية، مما أظهر فجوة واضحة بين الإحصاءات الرسمية والتدفقات الفعلية للذهب.

إعادة تنظيم قطاع الذهب في الساحل
في مواجهة هذه التحديات، شرعت بعض الدول الساحلية، خاصة في منطقة "ليبتاكو-غوما" ، في إعادة تنظيم قطاع الذهب لتعظيم الأرباح وتأمين الموارد المالية لمكافحة الإرهاب، من خلال السيطرة على المناجم، إعادة التفاوض على العقود وبناء مصافي محلية. 
وفي هذا السياق، زار وزير الدولة الإماراتي الشيخ "شخبوط بن نهيان آل نهيان" مالي وبوركينا فاسو والنيجر في مايو 2025، حيث وقع على اتفاقيات لتعزيز التعاون الأمني والاستثماري، خصوصًا في مجالات الطاقة الشمسية والزراعة والصحة، مؤكدًا على أهمية الجمع بين البعد الأمني والاقتصادي في العلاقات الثنائية.

رابط المقال:
https://allafrica.com/stories/202512140025.html?utm_source=chatpt.Cm