وادان بعد المهرجان.. فائض من القمامة وقليل من التنمية- موقع الفكر

صورة لمنارة وادان

عادت الوفود إلى نواكشوط، وقوضت الخيام، ونال المنشدون جوائزهم، وانتهت القصة، ولم يبق من المهرجان غير أكوام من القمامة، ودراهم معدودة نالها الذين أجروا منازلهم للوافدين الغرباء، في مشهد يتكرر مع كل مهرجان، ولكن أين التنمية؟

ما تزال الطريق إلى وادان صعبة، والصعود إلى كدية ولد أبنو صعوبة أخرى، وما زال طريق ودان أطار مجرد حلم عابر ووعد من الوعود التي لم تتحقق.

إن الطبيعة الاحتفالية التي يتم التعامل بها مع المهرجانات والمدن القديمة ماهي إلا إضاعة للوقت والمال والجهد، فماذا كسب المواطن الوداني فعلا، سيبدو الجواب مشتتا وضئيلا، وفي الحقيقة لم يكسب شيئا.

لم يضف أي رقم جديد إلى التنمية في هذه الأرض التي شهدت أهم التحولات التاريخية في موريتانيا، ومنها انطلقت إعادة توزيع السكان في موريتانيا، وفق نظام الهجرة التي بدأت من الشمال نحو المراعي في الجنوب..

وادان لا تحتاج إلى شعراء لينشدوا لها أهازيج القيم، ولا إلى فنانين ولا إلى رقاصين ليتمايلو بين جوانبها، رغم أهمية الجميع، كما لا تحتاج إلى المواعظ والخطب وتقليب صفحات التاريخ، إن وادان على وعي بكل ذلك، ومن يجلب إليها الثقافة والفن والتاريخ كجالب التمر إلى هجر، أو بالأحرى كناقل الحجارة إلى وادان..

ودان تحتاج طريقا معبدا، تحتاج تنمية وتعليما وصحة، وتحتاج إلى ما يثبت السكان في مواطنهم، تحتاج إلى برامج تحيي السياحة، وتحتاج إلى ربطها بمختلف طرق آدرار..

يمكن لوادان وفضائها الصحراوي أن يتحول إلى واحدة من أهم مصادر إنتاج التمور في البلاد، وأهم مصادر اللحوم إذا دعمت التنمية الحيوانية.

ويمكن لودان أن تتطور إذا فتحت فيها محاظر نموذجية تربطها بتاريخها وإرثها، ويمكن ويمكن.. 

لكن الطبيعة الاحتفالية للتعامل مع أسئلة التنمية ومتطلبات الحضارة، ما زال بعيدا جدا عن إنتاج الحلول المطلوبة.

ما زلنا في بلد يعتقد أن المهرجانات الاحتفالية يمكن أن تمسح دمعة اليتيم، وأن القصائد المترهلة يمكن أن ترفع مؤشرات التنمية، ونحن على أتم القناعة بأن مجموعة من التفلواتن المكررة، قادرة على أن تحقق إصلاح التعليم.

ماذا لو كان تنظيم مهرجانات المدن القديمة نشاطا كل خمس سنين، يتضمن إعادة بناء المدينة وشق الطرق، وترميم بيوتها القديمة، وإيصال كل الخدمات التنموية إليها، وفي النهاية ليكون الختام احتفالية، أما أن يكون الزمن رحلة بين المدن القديمة لتنظيم مهرجانات كرنفالية، فذلك باب من أبواب الفساد التي ينبغي أن يغلقها فخامة رئيس الجمهورية.