الرئيس محمد جميل منصور:" الحوار راح ضحية عدم حماس الموالاة وعدم جاهزية المعارضة أو العكس"

مداخلة الأستاذ محمد جميل منصور في ندوة الفكر حول الحوار السياسي المرتقب:

 

بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أشكر موقع الفكر على الاهتمام بهذا الموضوع، والموضوع الذي حدد لي سأتحدث لكن على ضوء ما سبقني من أحاديث، أنا أظن الموالاة قد وقعت في شرك الخطاب السياسي للمعارضة لأن هذا التلازم بين الأزمة والحوار هو تلازم متصور وليس دقيقا بالضرورة فالحوار أسلوب لحل المشاكل القائمة في أي تجمع بشري، وقد يكون يعالج أزمة وقد يكون يعالج بعض المشاكل التي لا ترقى إلى مستوى أزمة،كما قد يعالج بعض المسائل التي يعتبر الاختلاف فيها محدودا، لكن أهلها بحاجة إلى الحوار، أصبحت لدينا نظريات مفادها أن الحوار يعني وجود أزمة والتشاور يعني عكس ذلك، وضاع الكثير من الوقت في التشبث بالمصطلحات، أنا لست ممن يهتمون بالتحقيق التاريخي حول أول من طالب بالحوار. وقد تابعت حوارا عبر إحدى القنوات بين ممثل عن تواصل وهو الرئيس السالك سيدي محمود وممثل عن الاتحاد من أجل الجمهورية هو المدير ولد بونا، ومضى الكثير من الوقت حول من هو أول من طالب بالحوار، وفعلا ذكر ممثل تواصل أنهم هم أول من أصدر وثيقة تطالب بالحوار، والآن سمعنا ممثل تكتل تحدث عن أول ملتقى داخلي ترتبت عليه وثيقة تطالب بإجماع وحوار وتشاور لا يقصي أحدا، واتحاد قوى التقدم ممن يطالبون به أيضا وهذا يعني أن كل جماعة تود أن تكون هي الأولى التي طالبت بالحوار، والتحقيق في تلك القضية ليس أ،مرا مهما وإنما المهم من هو أول من أسهم إسهاما جديا في أن يكون الحوار واقعا.

أعتقد أن الحوار راح ضحية عدم حماس الموالاة،، وعدم جاهزية المعارضة، صحيح أن أهل الموالاة قد يقولون إنهم حين اقترحوا تشكيل لجنة منظمة للحوار وأصرت المعارضة على رئيس مستقل أو رئيس يقوم بتعيينه رئيس الجمهورية تنازلوا وقبلوا مقترح المعارضة، لكن حين أنظر إلى عامل الزمن، وأجعل نفسي مكان أهل الرأي العام الذين يهتمون بهذا الموضوع،  يمكن أن أقول إن الاشكالات التي وضعت كتبرير في تأخر الحوار ليست مقنعة؛ فالحديث عن عدد اللجنة ومن يرأسها، ومن يمثل فيها وكيفية ذلك فهذا لا ينبغي أن يكون عائقا؛ ومن تجاوز المبدأ لا ينبغي أن تقف مثل هذه الأمور عائقا أمامه، لأن العقلاء لا يعجزهم إيجاد حلول توافقية حين يقع بينهم مستوى من التمايز في القضايا الإجرائية؛ حين يكون هناك خلاف في الجوهر، قد يبرر ذلك تأخير الحوار؛ أما أن يكون الخلاف مجرد خلاف إجراءات فالإجراءات في العادة تخضع لمعاييرنقاش، ومعايير تحكيم وحل وسط وتوافق، والقدرة الاقتراحية تتوفر لدى جميع الأطراف، ولا ينبغي أن تكون هي المشكلة.

 الإشكالات ووجهات النظر حول الموضوع كثيرة، وأنا لدي هنا وجهة نظر أخشى أن لانعجب  جميع الأطراف، هذا الحوار -كما شاهدتم في خارطة الطريق ووثيقة تواصل- يتضمن ثلاثة مواضيع كبيرة، وهي الوحدة الوطنية ومتعلقاتها والحكامة ومتعلقاتها والانتخابات ومتعلقاتها،فهذه هي محاوره الأساسية،أنا شخصيا حول موضوع الانتخابات أفضل مصطلح "ورشة الاصلاح الديمقراطي"، لأنه أشمل وأقول إن هذه المواضيع من الوارد أن يتم نقاشها، لكن أحب أن تنتبه مختلف الأطراف أن ترابط تلك المواضيع ليس من مصلحة الحوار في وقته. فموضوع الوحدة الوطنية مثلا رغم أهميته وأساسيته، من الصعب عليه أن يقع فيه اتفاق حول قضاياه الكبرى خلال فترة زمنية وجيزة بين أطراف مقارباتها وأدبياتها وزوايا نظرها نعلم حجم الاختلاف فيها، لكن ينبغي لهذا الموضوع أن تفتح فيه ورشة للبحث عن حلول لبعض التحديات والاشكالات المتعلقة به حتى تكون هناك قضايا قومية ووطنية متفق عليها، وتبقى القضايا الأخرى التي يجوز فيها الاختلاف والتباين.

 أما موضوع الحكامة فهو موضوع اختيارات؛ صحيح أن هناك أمورا جوهرية وضرورية فمن يحكم ينبغي أن يحكم انطلاقا من فلسفته في الحكامة، ومن يعارض ينبغي أن يعارض انطلاقا من فلسفته الاقتراحية للحكامة البديلة، لكن لا يمكن أن نربط بين أمور زمنية أنه لابد أن نتفق على شكل الحكامة.

أما الموضوع الثالث فهو المتعين زمنا، فهذا الموضوع المتعلق بورشة الاصلاح الديمقراطي أو الانتخابات ،هو الموضوع المتعين وينبغي عدم ربطه بالأمور الأخرى، وأن نعلم أن كل تأخير فيه يعود بالسلبية عليه، لأنه كلما اقتربت المواسم الانتخابية يتحول النقاش إلى نقاش انتخابي وليس موضوعي، بينما حين يقع قبل الانتخابات -ولو بقليل- يمكن أن نجد مستوى من الموضوعية ونتوصل إلى قواعد عامة، أما موضوع النسبية الذي أشار إليه الأستاذ هو موضوع جوهري وهناك معلومات أن بعض الأطراف لديها حساسية منه، ومعروف أن الديمقراطيات الناشئة وفي طريق التطور إذا لم تتوسع فيها النسبية لا يتوسع فيها الحضور المتعدد والمتنوع، وبالتالي فكرة النسبية الجهوية هي فكرة رائعة، ويتم تطبيقها في بعض الدول المجاورة التي نحن مولعون بتقليدها.

 

أما موضوع الدولة وتوظيفها لصالح طرف معين، فيمكنني هنا أن أقول للأستاذ الذي جاء لتمثيل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية إنه بالنسبة لي أعتبر أن الصورة التي ظهرت في اجتماع المجلس الوطني للاتحاد من أجل الجمهورية هي صورة غير مشجعة، أعلم أن الوزير الأول لديه الحق في ممارسة السياسة،  وكذلك الحال مع رئيس الجمعية الوطنية ولدى الحزب الحق في أن يجعل من رئيس الحزب مرجعية له،لكنني أقول إن الديمقراطيات الناشئة التي ما تزال في طريق نموها ينبغي أن يعلم أهلها أن الصورة مهمة للرأي العام، وأنه من المهم أن يقتنع قطاع كبير من الرأي العام أن الأحزاب سواسية، ولم يعد فيها حزب الدولة؛ أما حين يشاهد رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية يجلس على يمينه الوزير الأول الحالي وعلى يساره رئيس الجمعية الوطنية، ومرجعية الحزب هو رئيس الجمهورية،فمن الصعب عليه أن يقتنع أن حزب الاتحاد والأحزاب الأخرى على نفس المسافة من الدولة وأجهزتها،مع العلم أن لهم الحق السياسي في ذلك، وهذا يعتبر أمرا عاديا في الديمقراطية الطبيعية التي يمايز أهلها ولا يقع لديهم خلط، أما أهل موريتانيا فما يزال يقع لديهم خلط حول هذا الموضوع وينبغي تجنبه.

-تعقيبا على مداخلات الإخوة يمكنني القول إن التهدئة السياسية تحسب للنظام، لكن أود أن ننتبه إلى مسألتين أولاهما أن "أيد وحده ما اتصفك"،فحين قام النظام بمبادرة حول التهدئة ينبغي أن نقول إنه وجد من أحزاب المعارضة خطابا واستعدادا للتعاطي مع تلك التهدئة، وهذا يعني أن المعارضة كانت تنتظر من يحسن التعاطي مع غيره، وهذا ما لم تجده طيلة السنوات العشر الماضية،أتحفظ هنا على كلمة قالها أحد الدكاترة وهي أن ما وقع من التهدئة يعتبر مكرمة من طرف رئيس الجمهورية، وأعتبر أن هذا المصطلح لا ينتمي لمصطلحات الأدب السياسي، فكان يمكنه القول إنها مبادرة أو خطوة من رئيس الجمهورية ،فالعلاقة بين رئيس الجمهورية وشعبه لا ينبغي أن تكون علاقة مكرمات وتفضل، بقدر ما هي علاقة تعاقدية.

الملاحظة الثانية حول الحوار والتشاور، أظن أن هذا الأمر قد طال فيه الجدل، لكن المهم لدي فيه هو المضمون. فقد سمعت ذات مرة الرئيس محمد مولود قال بعض الكلام أعتبر أنه أقرب للمنطق،قال ولد مولود إننا حين نلتقي ونتناقش حول كذا، وكذا فهذا هو الجوهر، أما أن نسميه تشاورا أو حوارا فتلك ليست قضية جوهرية.

أعود لقضية الحماس والجاهزية، فالدكتور الممثل لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية قال إن حزبه جد متحمس للحوار، وكنت أفضل أن ينزع كلمة جد ويترك متحمسا، لأنه ليس بالإمكان أن ينتقلوا من عدم الحماسة إلى جد متحمس،و محمد الامين  أيضا قال إن المعارضة على تمام الجاهزية، وهذا يعني إذن العكس، وهو أن المشكلة قد تكون من عدم جاهزية حزب الاتحاد وعدم حماس المعارضة إن كان لابد لكم من العكس.