ولد بتاح لموقع الفكر: لا أرى حاجة لأي تعديل للنصوص التي تحكم تأسيس الأحزاب السياسية بل أرى من الواجب أن تحترمها الإدارة( مقابلة)

أعرب النقيب والوزير السابق محفوظ ولد بتاح عن تفاؤله ورضاه عن الانجازات التي تمت فيما مضى من مأمورية الرئيس غزواني منوها بالمكاسب الاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تحقق خلال السنوات الأخيرة

وطالب ولد بتاح بإعتماد نظام التصريح على مساوى الترخيص للأحزاب السياسية وترك الفيصل لصناديق الاقتراع وأصوات الناخبين التي تحدد في الأخير الأحزاب الأكثر جماهيرية من تلك المغمورة.

وبخصوص الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة فقد رأى فيها عودة لأساليب الدولة العمقية وتحكمها في تزوير النتائج والتي وزعتها بطريقتها رغم الإرادة الجادة لرئيس الجمهورية من أجل تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة يرضى عنها الجميع، مضيفا أنه من غير المستساغ الآن الحديث عن إعادة هذه الانتخابات رغم ما شابها من قصور بسبب الحيز الزمني الضيق قبل الاستحقاقات الرئاسية لكن بعد ذلك يمكن النظر في مطالب من هذا القبيل.

وتناول الحوار موقف النقيب من انتخابات هيئة المحامين، ومن وثيقة إصلاح القضاء، وعن تقييمه لأدائه خلال لتقليده منصب وزير العدل إبان المرحلة الانتقالية إلى غير ذلك من موضوعات فإلى المقابلة:

موقع الفكر: نود منكم تعريف القارئ بشخصكم؟

الوزير محفوظ بتاح: نوجزه لكم فيما يلي: ذ. محفوظ ولد بتاح من مواليد سنة 1954 أطار.

  • محام لدى المحاكم الموريتانية.
  • نقيب المحامين لأكثر من 12 سنة.
  • وزيرا للعدل في الحكومة الانتقالية 2005 - 2007
  • رئيس حزب اللقاء الديمقراطي الوطني لأكثر من 10 سنوات.
  • رئيس دوري لمنسقية المعارضة الديمقراطية في العام 2011
  • رئيس القطب السياسي بالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة إلى نهاية 2017

موقع الفكر: حدثنا عن تجربتكم في مهنة المحاماة، وأهم الملفات التي تعهدتم فيها؟

الوزير محفوظ بتاح: تجربتي في مهنة المحاماة تجربة طويلة حيث انتميت للمهنة في أكتوبر 1983م، ومازلت أمارسها حتى الآن وهو ما يناهز الأربعين سنة ولله الحمد، كانت مليئة بالأحداث حيث رافقت فترات عصيبة من التاريخ السياسي للبلد. اشتغلت مبكرا بهموم المهنة فتم انتخابي عضوا في مجلس الهيئة الوطنية للمحامين سنتي 87 – 89 عينت كاتبا للهيئة لتلك الفترة تحت رآسة النقيب ذ.يعقوب جالو، ثم أعيد انتخابي عضوا في المجلس لمأمورية ثانية تحت رئاسة النقيب ذ.محمد شين ولد محمادو، تغمده الله بواسع رحمته في الفترة(89 – 91). بعدها مباشرة تم انتخابي نقيبا للمحامين من سنة 1991 وحتى 2002،أعيد انتخابي من جديد لمأمورية أخرى سنة 2002 – 2005، فيما بات يعرف بأزمة الهيئة الوطنية للمحامين التي واكبها الإعلام الوطني واشبعها إحاطة وتفصيلا، مما يغني عن التفصيل في حيثياتها.

فتجربتي الطويلة في مهنة المحاماة كما أسلفت تزامنت مع فترات سياسية عصيبة اتسمت بنوع من الانفتاح السياسي منذ سنة 1991 جاءت نتيجة تأثير عوامل دولية (انهيار الاتحاد السوفيتي وخطاب للوبول، للرئيس الفرنسي ميتران) من جهة والحفاظ على الطابع السلطوي للأنظمة السياسية القائمة من جهة أخرى، فلم تخلو سنة من محاكمة بعض الطيف السياسي وجره للقضاء إلا ما رحم ربك، وقد كان للهيئة الوطنية للمحامين دور بارز في الدفاع المبدئي والمجاني عن سجناء الرأي، وقد حرصت شخصيا بوصفي نقيبا للمحامين على تكريس هذا العرف النبيل والمبادئ التي تؤسسه حيث قمت بتشكيل لفيف من الزملاء كلما تمت ملاحقة فرد أو مجموعة من أصحاب الرأي أمام القضاء ومن أهم القضايا التي تعهدت فيها أنا وزملائي- على سبيل المثال لا الحصر- القضايا التالية:

  • حركة أفلام بعد نشرها لصيحة الزنجي المظلوم سنة 1986م.
  • قادة انقلاب 1987
  • قيادات حزب البعث في الثمانينات والتسعينات
  • قيادات التيار الإسلامي
  • نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان
  • عدة شخصيات سياسية متفرقة
  • حزب العمل من أجل التغيير AC الذي كان يرأسه الزعيم مسعود ولد بلخير

موقع الفكر: تعيش نقابة المحامين جدلا انتخابيا وفقهيا، فأين أنتم مما يجري فيها؟

الوزير محفوظ بتاح: كما ذكرتم طفا على السطح جدل انتخابي بمناسبة تنظيم الانتخابات المهنية الأخيرة، غير أنه بفضل من الله أولا ثم حكمة الفرقاء، تم تجاوز ذلك الجدل وتم انتخاب مجلس ونقيب لمأمورية ثلاث سنوات، وبهذه المناسبة أهنئ زملائي المنتخبين نقيبا ومجلسا وأرجو لهم التوفيق والنجاح.

موقع الفكر: في التقدير السياسي كيف تنظرون إلى حصيلة 4 سنوات من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وخصوصا في ملفي الحكامة الرشيدة والعدالة؟

الوزير محفوظ بتاح: إن أي تقييم لأي فترة حكم بالنسبة للبلدان حديثة المنشأ كبلادنا يجب أن يبدأ بقدرة السلطة القائمة على الحفاظ على أمن الدولة ووحدة وتماسك شعبها.

وفي هذا الإطار فإن مجموعة حزب اللقاء الديمقراطي الوطني التي كنت أتحدث باسمها ومازلت خلال تقييمها للوضع السياسي للبلد بمناسبة الانتخابات الرئاسية 2019، قد اعتبرت أن رهان الاستقرار هو المكسب الرئيسي الذي يجب أن يوضع في الميزان لاختيار المترشح الذي ستقرر دعمه.

 وقد فاز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بدعمنا باعتباره الأقدر والأكثر تأهيلا للحفاظ على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها ولم يخيب السيد الرئيس الآمال في هذا المجال، فقد وفق بفضل تجربته ووضوح رؤيته إلى ضمان بقاء موريتانيا استثناء على ما يحصل في دول الساحل من عدم الأمن والاستقرار وهذا أكبر مكسب يمكننا الاحتفاء به في الوقت الذي تداعت فيه أركان بعض دول الساحل المجاورة التي نعد عادة من ضمنها، كما قام بتطبيع الساحة السياسية الداخلية حيث تم استقبال كافة القادة السياسيين المعارضين من طرف الرئيس وتم الاستماع لهم والتشاور معهم في القضايا الوطنية الكبرى بوصفهم شركاء في العملية السياسية خلافا لنهج سلفه.

ثم تقاس كذلك أي فترة حكم بالمكاسب الاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا الإطار يجب التنويه بالمخططات التنموية التي يتم إنجازها وأريد على وجه الخصوص أن أنوه بمشروع الرئيس لإصلاح منظومتنا التعليمية.

لقد جعل رئيس الجمهورية التعليم ضمن أولى أولوياته وقد انخرط هو شخصيا في عملية تأهيله.

كما أن الرئيس -من خلال حرصه على الحضور شخصيا لفعاليات افتتاح السنة الدراسية للرفع من مستوى وأهمية الحدث منذ أول سنة دراسية 2019-2020، بعد شهرين فقط من تسلمه السلطة- إنما رسم بذلك ملامح العمل الذي يجب القيام به. ولا شك بأن الرمزية القوية والعالية المرتبطة بحضوره في تلك المناسبات، والتي تنم عن إدراك فائق لأزمة مدرستنا وضرورة إيجاد حلول مناسبة لإصلاحها ووضعها في المسار الصحيح، لا تغيب عن أحد اليوم.

إن برنامج رئيس الجمهورية حول مسألة التعليم واضح جدا بما لا يدع مجالاً للشك، وكذلك طموحه في وضع نظام تعليمي فعال، مدرسة توحد وتقدم تعليماً ذا جودة، مدرسة تقوم بتدريس قيم المدنية والمواطنة.

كما يجب التأكيد على أهمية ونجاعة السياسات الاجتماعية الأخرى المتبعة من طرف الحكومة وخاصة تلك التي تعنى بأحوال الفئات الأقل دخلا والتي رصدت لها ميزانيات معتبرة وصلت إلى 200 مليار أوقية، لسنوات المأمورية الخمس وهو مجهود غير مسبوق.

 ينضاف إلى ذلك فرص العمل للعاطلين التي وفرت في القطاعين العمومي والخصوصي والمنجزات الأخرى التي لا يتسع المقام للتفصيل فيها.

وللرد على الجانب من سؤالكم المتعلق بالحكامة الرشيدة يجب التنبيه إلى قرار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بإلحاق المفتشية العامة للدولة بالرئاسة وإعادة هيكلتها.

 وقد قامت هذه المؤسسة المهمة بحملة تفتيش على عدة مرافق عمومية وقد أعلنت للرأي العام الوطني خلافا لما كان يقع نتائج حملتها، حيث ذكرت مكامن الاختلال المالي والإداري للهيئات التي شملها التفتيش وهذا مكسب مهم مع أن البعض لا ينظر إلا إلى الجزء الفارغ من الكأس ويعتبر أن مكافحة الفساد لم تحصل بالمستوى المنشود. بيد أن ظاهرة الفساد لم تكن وليدة الأمس بل هي نتاج تراكمات عدة عقود لا يتأتى القضاء عليها في حيز زمني محدود (4 سنوات).

موقع الفكر: أقر المجلس الأعلى للقضاء الوثيقة الإصلاحية للعدالة ماهي الآفاق التي يضمنا تنفيذ هذه الوثيقة؟

الوزير محفوظ بتاح: فيما يتعلق بالوثيقة الإصلاحية للعدالة فلا شك أن هناك إرادة سياسية واضحة لإصلاح المؤسسة القضائية وهو ما تجسد في المنتديات العامة لإصلاح العدالة المنظمة مؤخرا من طرف وزارة العدل وتحتاج هذه التوصيات والقرارات المنبثقة عن هذه المنتديات حيزا زمنيا لا يقل عن سنتين،  لتجسيدها على أرض الواقع وينتظر من هذه الإصلاحات أن يستعيد القضاء بعدها دوره الذي لا غنى عنه كأساس لأي نهضة اقتصادية واجتماعية ومؤسسية.

 وكما ذكرتم أقر المجلس الأعلى للقضاء الوثيقة الاصلاحية للعدالة وهي مرحلة مهمة للتأكيد على تبني الدولة في أعلى مستوياتها ممثلة في شخص رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء لمشروع الإصلاح الذي تضمنته هذه الوثيقة ومن أهم ما اعتمد في هذه الوثيقة هو ضرورة المصادقة على قانون للسياسات المتبناة لعملية الإصلاح (قانون برمجة الإصلاح)، وهو ما يفرض على الدولة توفير الوسائل المالية واللوجستية الكفيلة بتمويل البرامج السنوية المعتمدة للإصلاح، غير أن إصلاح العدالة يبقى مرهونا باستعداد كافة الفاعلين في الحقل القضائي وفي مقدمتهم السادة القضاة المحترمون، للقيام بما يترتب عليهم من مسؤوليات على أحسن وجه،  لتصبح عدالتنا قاطرة للتنمية المنشودة ومرفقا يثق به الجميع نظرا لاستقلاليته وحياده ونزاهته.

 و خلاصة القول فإن تنفيذ مضمون الوثيقة الإصلاحية للعدالة يحقق مطلبا جوهريا ومكسبا لا غنى عنه في ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات وكسب رهان التنمية.

موقع الفكر: خرجتم من حزب الإصلاح بعد دمج حزب اللقاء الديمقراطي الوطني فيه.. ما أسباب هذا الخروج الذي يرى البعض أنه سببه خلاف على موقعكم في لوائح الترشيح؟

الوزير محفوظ بتاح: كما أعلنا في بيان الانسحاب لم يكن خروجنا عن حزب الإصلاح نحن جماعة اللقاء بسبب لوائح الترشيح بقدرما هو ظهور خلافات بينة مع قيادة الحزب في التصور والمنهج والممارسة، أفرزها واقع الحزب أدت بنا بعد أن تعذر تصحيحها إلى إعلان استقالتنا.

موقع الفكر: بعد قرابة 15 سنة من مغادرتكم لوزارة العدل ما الخطوات التي اتخذتموها وترون الآن أنها كانت خاطئة أو تلك التي تعتبرونها مكاسب؟

الوزير محفوظ بتاح: لست نادما على أي قرار اتخذته بخصوص الإصلاحات التي أشرفت عليها بوصفي وزيرا للعدل في الحكومة الانتقالية لأن الدافع الأساسي لما تم القيام به في تلك الفترة في قطاع العدل هو القناعة التامة الراسخة لدي ولدى الحكومة والرئيس المغفور له بإذن الله أعل ولد محمد فال، بضرورة النهوض بقطاع العدل، ولم تكن الفترة الوجيزة كافية لإصلاح شامل وعميق لأوضاع القطاع بيد أنه تم القيام بما يمكن القيام به من إصلاحات في كافة الأصعدة خاصة مراجعة القوانين والموارد البشرية والوسائل المادية والتأثيث.

 هذه الإصلاحات كانت ثمرة أيام تشاورية نظمت مبكرا بعد تشكيل الحكومة الانتقالية ومع ذلك فإني لا أدعي المثالية نظرا لأن العمل البشري محفوف بالأخطاء.

موقع الفكر: ما الشروط التي ترونها لازمة لترخيص الحزب السياسي؟

الوزير محفوظ بتاح: لا أرى حاجة لأي تعديل للنصوص التي تحكم تأسيس الأحزاب السياسية بل أرى من الواجب أن تحترمها الإدارة بحيث تعيد لها مبدأ التصريح بدل الترخيص الذي تفرضه خلافا لما ينص عليه القانون المنظم للأحزاب السياسية. فإذا كان الهدف من الإطار الجديد هو الحد من عدد الأحزاب فالوسيلة الوحيدة لذلك هي المنافسة الانتخابية التي تقرر الأحزاب القادرة على البقاء وتهمش الأحزاب الأخرى وشيئا فشيئا لن يبق على الساحة إلا أحزاب معدودة ذات ثقل انتخابي كما هو الحال في الديمقراطيات العريقة التي تأطرها أحزاب محدودة حزبان أو ثلاثة مع وجود مئات الأحزاب الأخرى التي تبقى بصفة مستمرة على الهامش.

موقع الفكر: هل ترون الانتخابات الأخيرة شفافة؟ 

الوزير محفوظ بتاح: الانتخابات الأخيرة لم ترض عنها المعارضة بأكملها وكذلك عدد من أحزاب الأغلبية وبالتالي لم تف بالمطلوب فلم تقبل الدولة العميقة خلافا للإرادة السياسية التي عبر عنها رئيس الجمهورية وسعى لها سعيها باحترام معارضيه والتواصل والتشاور معهم، بأن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة بحيث يرضى عنها الجميع فأعادت إنتاج أساليبها الماضية ووزعت النتائج على منوالها وهو ما يؤسف له حقا وتبذل الحكومة مجهودا لتدارك ما تم إفساده مع أنني أرى أنه من غير المستساغ إعادة الانتخابات نظرا لدقة الظرف على أن تتم إعادتها بعد الانتخابات الرئاسية التي تفصلنا عنها عدة أشهر.

موقع الفكر: شكرا جزيلا